السبت، ١٨ تموز ٢٠٠٩

حفاظ القرآن بماليزيا.. تكريم اجتماعي وحوافز مادية


منذ أن كان شابا يافعا كان حلمه أن يصبح مقرئا للقرآن الكريم, وكان يرى أن نعمة الصوت الجميل التي وهبها الله تعالى له, يجب أن تصرف في عمل صالح يؤجر عليه, إنه الحافظ إسماعيل بن محمد كبير الأئمة في المسجد الوطني في كوالالمبور.

هو واحد من أول دفعة للحفاظ تم تخريجها في ماليزيا عام 1965, تكونت من ستة أتموا حفظ القرآن على يد الشيخ الحافظ نور إبراهيم صاحب "تفسير الرحمن" المشتهر في دول الأرخبيل المالاوي.

واعتاد الماليزيون في السابق إرسال أبنائهم لحفظ القرآن الكريم إلى الدول العربية وتحديدا مصر, إذ لم تكن تتوفر في ماليزيا معاهد متخصصة لتحفيظ القرآن لقلة المدرسين والإمكانات المتاحة, إضافة إلى الاعتقاد السائد لدى المالاويين بأن القرآن يجب أن يحفظ عند أهله من العرب.

ورغم أن بن محمد مثل مع خمسة من زملائه أول دفعة للحفاظ المتخرجين في ماليزيا، فقد تم إيفاده إلى مصر لمدة خمس سنوات لتتسنى له دراسة القراءات المختلفة للقرآن الكريم والاطلاع على مناهج التحفيظ المتبعة في مصر.

وهناك تمكن بن محمد من تحقيق حلمه والتزم مجلس القارئ الشيخ محمود خليل الحصري، الذي لمح تعلقه به وتمنى له أن يكون "حصري ماليزيا" كما يروي الحافظ الماليزي

تكريم الحفاظ

وخلال لقائه مع الجزيرة نت, أوضح إسماعيل أن لقب الحافظ يرتبط مع اسم كل من يتم حفظ كتاب الله تعالى ويصبح معروفا به, وهو نوع من التكريم الذي يحظى به الحفاظ في ماليزيا.

ومن مظاهر التكريم الأخرى لحافظ القرآن أن الماليزيين -وحتى بداية الستينيات من القرن العشرين- كانوا يمتنعون عن الزواج من أي فتاة لا تتم قراءة القرآن, وفي ذات الوقت كان الأهالي يعطون الأولوية لمن يتقن قراءة القرآن ويحفظ قدرا أكبر منه, عندما يتقدم الشبان لخطبة فتياتهم.

كما تأثر الماليزيون كثيراً بالقراء المصريين, حتى إن أول معهد لتحفيظ القرآن في ماليزيا -وقد تأسس في عام 1969 في المسجد الوطني بكوالالمبور- كانت لجنة التحفيظ المشرفة عليه جميعها من القراء المصريين, وقد كانوا يحظون بقدر كبير من التقدير والتكريم والحفاوة البالغة، ومعهم كل من زار ماليزيا من الحفاظ والقراء المصريين الكبار أمثال الحصري وعبد الباسط عبد الصمد ومحمد صديق المنشاوي.

راتب شهري
ويحظى الحافظ في أكثر من ولاية ماليزية, مثل "ترنغانو" و"كلانتان" وغيرهما بالحصول على راتب شهري يقدر بنحو 300 دولار, وهو من باب التكريم والحث على زيادة عدد الحفاظ كما أوضح الحافظ الشاب وان أصلان خير الدين.

وفي العادة يذهب الطلاب إلى معاهد التحفيظ بعد سن العاشرة بعد أن يكونوا تجاوزوا الصفوف الابتدائية في المدارس العادية, أما في بعض القرى فتستقبل حلقات التحفيظ في المساجد الأطفال بدءا من سن السادسة.

كما تفرض بعض الجامعات الماليزية كالجامعة الإسلامية العالمية, مقررات إلزامية في إتقان التلاوة لطلابها، كمظهر آخر من مظاهر الاهتمام بالقرآن الكريم, وهو ما أشار إليه المدرس بقسم القرآن الكريم في الجامعة الإسلامية الدكتور الحافظ الجيلاني بن تهامي مفتاح (من تونس)، في حديثه للجزيرة نت.

ويرى مفتاح أن التكريم الذي يحظى به الحفاظ في ماليزيا يفوق كثيرا ما هو موجود في الدول العربية, وأن لقب الحافظ يعتبر ميزة مهمة لمن يحمله حيث يقدم في الحصول على الوظيفة, ويقدم في إمامة الناس والخطبة بهم, فضلا عن كونه يحظى بالتقدير في جميع المناسبات والمستويات الاجتماعية.

أما الطرق المتبعة في تحفيظ القرآن فلا فرق بين ما هو متبع في الدول العربية وفي ماليزيا, غير أن الحفاظ الماليزيين يجدون صعوبة أكبر في تثبيت الحفظ نظرا لاختلاف اللغة.

وتبث إحدى القنوات التلفزيونية الماليزية برنامجا يحمل اسم "قرآن أكاديمي" وهو خاص بالمتسابقين من حفظة القرآن وقرائه, "وإن كانت جوائزه تعتمد على جودة الصوت والتلحين في القراءة وليس على إتقانها", بحسب ما أشار إليه الحافظ إسماعيل.

.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

تعليقات